Fermer la page
www.info-palestine.net
مدير متحف فلسطين للتاريخ الطبيعي – جامعة بيت لحم
dimanche 3 janvier 2016 - مقابلة مع البروفسور مازن قمصية

الفرنسية
الإنجليزية

JPEG - 47.1 ko
Mazin Qumsiyeh

الموقع : هل تستطيع أن تقدم نفسك، كعالم وبروفيسور، وكفلسطيني مهتم بصراعات شعبه ؟ يبدو أن الايمان والالتزام نفسه حاضر في كلا المجالين. إننا نرى ذلك وكأنه رفض قاطع لظروف الظلم والقهر، شخص لم يقبل فقط بأن يعاني مع شعبه، بل شخص قدم الكثير ليس فقط لفلسطين ولكن للبشرية والانسانية كلها. ماذا يمكنك أن تخبرنا عن هذا الموضوع؟

مازن قمصية : إنها مجرد صدفة بحتة أن يولد الانسان في فلسطين أو في أي بلد آخر في هذا العالم. بالطبع، أن تولد وتنشأ في فلسطين يجعل ميولنا أكثر للعمل محلياً بسبب الثقافة السائدة ولأننا نعيش في هذه البلاد. وبالتالي يتحقق القول المأثور "فكّر عالمياً واعمل محلياً". تعليمي وعملي في دولة غربية قبل عودتي إلى فلسطين أعطاني الحاجة للكثير من الأفكار والعمل. عملي كبروفيسور في الجامعة جعل المسؤولية أكبر وذلك لأننا نمثل القدوة للطلاب ولا بد أن نكون مثالاً جيداً في ذلك. لا يمكننا ولا يجب علينا أن نفصل العلم عن المجتمع، فالمعرفة دون عمل عقيمة.

بالاضافة، لا يمكن أن نسكت عن الظلم. فأنا أكاديمي أعيش تحت سطوة الإحتلال الإسرائيلي الوحشي ومنحرم من الحرية التي يتمتع بها الناس في باقي أنحاء العالم. تم اعتقالي من قبل السلطات الإسرائيلية أكثر من مرة لسبب بسيط وهو مشاركتي في مظاهرات سلمية تعارض السياسات الإسرائيلية العنصرية. تعاني الجامعات الفلسطينية من سياسات الإحتلال الإسرائيلي بما فيها عدم الحرية في الحركة وعدم القدرة على جلب الطلاب والأساتذة من الخارج

العشرات من القوانين العسكرية الإسرائيلية تحاول جعل التعليم مستحيلاً بما فيها قوانين تمنع استيراد مواد تعليمية أساسية. الوضع في قطاع غزة أسوأ من الضفة أيضاً حيث تعاني جامعاتها من الحصار. إحدى طالبات جامعات بيت لحم تم إيقافها على أحد الحواجز وترحيلها لغزة قبل أشهر قليلة من تخرجها. أين الحرية التعليمية عندما تفجر إسرائيل الجامعات بما فيها كلية العلوم في قطاع غزة ؟ أين حرية التعبير مع وجود 7 ملايين لاجئ فلسطيني، 60% منهم تحت سن ال 18 وحوالي 20% في سن الدراسة الجامعية. لقد أغلقت إسرائيل جامعتين أدرّس فيهما (جامعة بيت لحم وجامعة بيرزيت) لفترات ممتدة استمرت لأعوام في إحدى المرات. يتركز عملي على إيجاد بيئة يستطيع فيها الشباب أن ينمو ويزدهر. ولهذا أسسنا متحف فلسطين للتاريخ الطبيعي ومعهد التنوع الحيوي والاستدامة (PalestineNature.org). شعارنا هو الاحترام : الاحترام لأنفسنا، الاحترام للآخرين، الاحترام للبيئة.

الموقع : من دون أن ندخل في نقاش تسمية ما يحدث بانتفاضة الشباب الفلسطيني في وجه الاحتلال الإسرائيلي، هل تعتقد أنّ هذه الثورة كانت متوقعة في ظل التحركات العربية والعالمية في السنوات الأخيرة ؟

مازن قمصية : لا، لقد تحمل الناس على مدار المئة سنة الأخيرة الاستعمار والاحتلال والتطهير العرقي (بدأ عام 1917 بالاستعمار البريطاني تابعاً لوعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو). ظهر التطهير العرقي بشكل واضح وجلي عام 1948 وما بعده. اليوم 7 ملايين فلسطيني هم لاجئون أو دون مأوى. خلال المئة سنة الماضية قمنا بحوالي 13 انتفاضة وما هي إلا موجات من المقاومة، وهذا طبيعي، على سبيل المثال : 14 انتفاضة مماثلة حصلت في جنوب أفريقيا تحت نظام الفصل العنصري. في الحقيقة، المفاجئ هو كمية الصبر، والهدوء، والسلام الذي يتمتع به غالبية الفلسطينيين في هذه الظروف الصعبة.

الموقع : السياق المحلي والعالمي سيئئ جدا وضد مصالح الشعب الفلسطينيي ولا سيما في الأراضي المحتلة الوضع متفاقم. كيف يكون الشعب رؤية واستراتيجية لمواجهة التحديات وإيجاد حل عادل الذي لا نراه في الأفق القريب؟

مازن قمصية : لقد مر 22 عاماً على اتفاقية أوسلو للسلام التي فشلت بسبب القيود السياسية والجغرافية التي تنتهك حقوق الإنسان وتصب في مصلحة الصهيونية والإمبريالية، البعض يقول لنا أن خياراتنا كانت أو ما زالت مقيدة. كتب البروفيسور إدوارد سعيد : "من الآن يسأل الأسئلة الوجودية عن مستقبلنا كشعب ؟ هذه المهمة لا يمكن تركها للدينيين المتعصبين والجبناء الخاضعين المتذللين والجبريين… نحن أقرب إلى الثورة ... ألم يحن الوقت لنا حتى نطلب بديل عربي حقيقي للحطام الذي يوشك على ابتلاع عالمنا؟" هذا كان قبل 13 عاماً و الحطام بالفعل ابتلع العالم (بما فيها الأراضي التابعة للدول الغربية).

من المغري بالنسبة لبعض الناس أن يفقدوا إيمانهم في سبيل إمكانية التحرر و العدالة بعد 132 سنة منذ أول ظهور للاستعمار الصهيوني و 67 سنة بعد نكبة عام 1948. كان هناك عبارة في الستينات من القرن الماضي خلال النضال من أجل الحقوق المدنية : "حرر عقلك وجسدك سيتبعك"، بالتأكيد حين نحرر عقولنا سوف نرى أن هناك العديد من الخيارات لدينا بالرغم من المحاولات التي يعرضها علينا الطغاة لإقناعنا أن كل خياراتنا فُقدت عدا عن الإستسلام أو الكلام الطنان. بالتأكيد نحن كناس نستطيع أن نرسم طريقاً للأمام خارجاً عن الشعارات والسياسات الحالية للمفاوضات التي لا نهاية لها.

الخيارات الأخرى ليست سحرية أو جديدة : الكثير قاموا مسبقاً بفصلها في رؤيات واضحة في عدد لا يحصى من الدراسات. لماذا لا يتم إحياء الميثاق الأصلي لمنظمة التحرير الفلسطينية لتحرير كل فلسطين ؟ لماذا لا تُطبَّق الديمقراطية على منظمة التحرير الفلسطينية لتمثل حقاً 12 مليون فلسطينياً حول العالم ؟ لماذا لا يتم رفض قمع المقاومة وبدلاً منها المشاركة في مقاومة شعبية ضخمة في جميع أنحاء فلسطين التاريخية ؟ لماذا لا تتم المقاومة في مناطق خارج فلسطين ؟ لماذا لا نستهدف الشركات والمصالح الصهيونية عالمياً بالمقاطعة الاقتصادية أو حتى بتدميرها؟ لماذا لا نظهر للعالم ونتحدى أعضاء الشبكات الصهيونية التي تدعم جرائم الحرب وتدعم السيطرة الصهيونية ؟ لماذا لا نشارك في الحملات التعليمية والإعلامية حول العالم ؟ لماذا لا نشارك في حملات للتعليم والإعلام والضغط حول العالم ؟ لماذا لا نكوّن تحالفات من دول قوية مثل الصين، روسيا، والبرازيل لتوفير الحماية والدعم لنا ؟ لماذا لا نعزز حركة المقاطعة ونزع الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) ؟ لماذا لا نعمل من خلال المؤسسات الدولية على إحضار مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى محكمة العدل الدولية ونتحدى عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة وجميع مؤسساتها ؟ لماذا لا نحقق كل ما ذكرناه أو حتى أكثر من ذلك ؟

هناك طريقان اثنان أمامنا : طريق المقاومة والعمل من أجل تحقيق العدل والذي سيحقق السلام أوالطريق المعروف الذي يبقينا في دوائر مستمرة من المفاوضات العقيمة والصراع والانتقام والتطرف. جميع الصراعات هي بسبب طمع فئة قليلة على حساب الفئة الأكبر (لها مصالح في الصناعات العسكرية). ولكن عندما تضيف الدين والتكنولوجيا الحديثة بما فيها أسلحة الدمار الشامل يصبح الأمر مسألة وجودية لعرقنا البشري.

الموقع : هل هناك شرخ ما بين الشباب الفلسطيني والمنظمات السياسية "التقليدية"، سواء حركة التحرير الفلسطيني فتح أو بشكل أكبر منظمة التحرير الفلسطينية ؟ هو مطلوب الآن هيكلية سياسية جديدة بقيادات وممثلين جدد ؟

مازن قمصية : نعم، هناك شرخ سببه قادة يبقو في مناصب لعقود الذين أدوا إلى تهميش دور الشباب والمشروع الوطني. لقد تفاقم الوضع مع اتفاقية أوسلو. ونعم، القيادات الجديدة بدأت تبرز من بين الشباب والنساء الفلسطيني، أنا متفائل جداً.

الموقع : هذه الحركة متأصلة جداً، ولكنها ليست بنفس القوة في فترات الضعف، أليس كذلك ؟ ما الذي يمكن أن يحضر حركة شعبية دون قيادة سياسية وبالتالي رؤية استراتيجية واضحة ؟

مازن قمصية : تحدثت في كتابي "المقاومة الشعبية في فلسطين : تاريخ من الأمل والتمكين" (متوفر بعدة لغات) عن التصور الخاطئ الموجود عند البعض أنّ "القادة" هم من يبنوا الحركات والثورات. الحركات الشعبية المتأصلة هي من تصنع القادة القادرين على القيادة وليس العكس.

الموقع : هل وجود السلطة الفلسطينية، وهي وليدة اتفاقية أوسلو يتعارض مع تطور المقاومة الشعبية في فلسطين؟ برأيك، ما هي النتائج المترتبة على انهيار السلطة الفلسطينية إما برفض جماهيري أو بقرار إسرائيلي ؟

مازن قمصية : إسرائيل والولايات المتحدة لن تسمح بانهيار السلطة الفلسطينية بما أنها عامل مساعد في وجود الاحتلال.

الموقع : هل تعتقد أنّ فلسطينيي ال 48 يلعبون دوراً مهماً اليوم في معركة الفلسطينيين من أجل الاعتراف بحقوقهم الوطنية ؟ هل هناك مقدمات للتوحد بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 (إسرائيل) والفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية وقطاع غزة) والفلسطينيين في المهجر؟.

مازن قمصية : في اعتقادي أنّ الانتفاضة القادمة سيقودها الفلسطينيون في الداخل المحتل (1948) وستشمل الجميع

الموقع : في ظل الأجواء السيئة والفظيعة في الشرق الأوسط ، ومع ظهور الصراعات الطائفية التي تشجعها وتديرها التدخلات الغربية والتي ستحتاج إلى سنوات طويلة حتى يتم السيطرة عليها، ما هو موقع القضية الفلسطينية في الوضع الحالي برأيك ؟ هل ما زالت تتخذ موقعاً مركزياً ؟

مازن قمصية : التاريخ متغير ولن يبقى ثابتاً على المواقف الحالية للسياسيين. لقد رأينا كيف تغيرت سياسات الحكومة العثمانية من دعم الصهيونية إلى رفضها. ورأينا كيف تغيرت السياسات البريطانية استجابة لثورة الفلسطينين عام 1936 واستمرت الضغوط بما في ذلك ما حصل مؤخراً حيث صوت البرلمان البريطاني على رفض قصف سوريا تلبيةً للمطالب الإسرائيلية. ورأينا قوة المقاومة (1987-1991) في تحدي "القادة" سواء في تل أبيب أو في تونس. يمكننا أن نتعلم بالتأكيد من محدودية قوة العمل العسكري من التجربة الفيتنامية والجزائر في ستينات القرن الماضي ومن حرب العراق عام 2003 ، أو حرب لبنان 2006 أو حرب غزة 2008.

حديثاً، يمكننا أن نشاهد التغيرات المفاجئة والتراجع في التعامل مع قضايا متعلقة بسوريا وإيران. المشروع الصهيوني الأساسي كان السيطرة على المنطقة بين النيل والفرات. ها نحن الآن بعد 130 عاماً والمنطقة بين البحرالمتوسط والأردن فيها أعداد متساوية تقريباً من الفلسطينيين و"الإسرائيليين". عندما أعلن وعد بلفور 1917 كان هناك حوالي 650,000 فلسطيني في فلسطين؛ اليوم هناك أكثر من 6 مليون فلسطيني هنا. بالتأكيد هذا ليس سيناريو محبط. بعد إنكار وجودنا، العلم الفلسطيني الآن يرفرف في أرجاء فلسطين حتى في داخل الخط الأخضر.

بالتأكيد هذا لا يجب أن يكون بثمن أنّ زي أمني يلبسه فلسطيني ويزينه بالعلم يستعمل لمنع الشباب من الانخراط في المقاومة الشعبية، أو أن يكون العلم الفلسطيني على منصة مع العلم الإسرائيلي والأمريكي لنقاشات لانهائية عن أمن المحتلين الصهاينة. يقول مارتن لوثر كينغ " يأتي وقت الجُبُن يسأل هل هو آمن؟ المصلحة تسأل هل هو سياسي؟ الغرور يسأل هل هو مُشهور؟ ولكن الضمير يسأل هل هو صحيح؟ وهنا يأتي الوقت الذي يجب فيه اتخاذ موقفٍ ليس آمناً ولا سياسياً ولا مشهوراً؛ ولكن لأنه صحيح فقط".

الموقع : ماذا تتوقع من حركة التضامن الدولية مع فلسطين، خاصة في هذ الفترة ؟ ماذا يجب ان تكون أولويتها وبخاصة من حملة المقاطعة ونزع الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) ؟

مازن قمصية : استجابة للإعلان الذاتي للمشروع الاستعماري عام 1880، الفلسطينيون انخرطوا في مئات الأشكال من المقاومة الشعبية، وغالبيتها غير مسلحة. من خلال مقاومة هذه الأغلبية من الناس (الغير مسلحة) كان هناك دائماً توجه نحو المقاطعة ونزع الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS). بدأت حركة المقاطعة ونزع الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) بسبب المستعمرين الذين لم يتعاونوا غالباً مع أصحاب الأرض وظلوا بعيدين عنهم. تسارعت الحركة في ظل الانتداب البريطاني (1918-1948) خاصة في الثورة الكبرى (1936-1939). بين عامي 1948 و1967، المقاومة، بما فيها حركة المقاطعة ونزع الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، انخفضت حدتها بعد أن أصبحت القضية الفلسطينية في أيدي قادة غير أكفاء بما فيهم قادة الدول العربية الذين بدؤوا بالمقاطعة (غالباً بالكلام) بعد 1948. شهدت فترة الستينات من القرن الماضي انتعاشا للمقاومة الشعبية بما فيها حركة المقاطعة ونزع الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS). صاحب ذلك تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وفشل الأنظمة العربية عام 1967. حركة المقاطعة ونزع الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) تراجعت بشدة بعد اتفاقية أوسلو التي طبعت مع إسرائيل لدرجة كبيرة محلياً وعالمياً.

انتفاضة عام 2000 الى 2005 غيرت الملامح الأساسية وتبع ذلك الدعوة BDS من المجتمع المدني في يوليو/تموز 2005 ثم وثيقة كايروس في ديسمبر/كانون أول 2009. خلال السنوات العشر الاخيرة حصلت حملات مهمة وناجحة. تميل الآراء إلى أن حركة المقاطعة ونزع الاستثمارات وفرض العقوبات كما في جنوب أفريقيا سيكون لها دور رئيسي في إنهاء نظامالفصل العنصري الصهيوني. هنالك تسارع حركة المقاطعة ونزع الاستثمارات، وما زال فرض العقوبات يلوح في الافق.

لقد ساعد نفس النوع من التضامن الدولي في انهاء الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا (بالرغم من أن الكثير ما زال بحاجة للعمل عليه هناك أيضاً). السلام ليس خيالاً والسلام ليس فقط هدف بل هو الطريق الذي اخترنا ان نحياه. الكثير من النشطاء حول العالم يختارون هذا الطريق. ونحن نسافر فيه معاً.

JPEG

* Mazin Qumsiyeh est l’auteur de « Sharing the Land of Canaan » et de « Une histoire populaire de la Résistance palestinienne ». Il enseigne au sein de l’université de Bethléem et dirige le Musée Palestine d’Histoire Naturelle et l’Institut palestinien de biodiversité et durabilité : http://palestinenature.org

Du même auteur :

- Les Israéliens tuent les civils palestiniens dans une totale impunité - 8 décembre 2015
- 29 novembre, Journée Internationale de Solidarité avec la Palestine - 30 novembre 2015
- Chronique palestinienne - 28 novembre 2014
- La Palestine de 2015 en quelques chiffres - 27 juin 2015
- John Kerry organise un théâtre de l’absurde à Amman - 23 novembre 2014
- Une histoire populaire de la Résistance palestinienne - 21 avril 2014

December 13th, 2015